September 11, 2011

عبر الجبل - رحلة ماريو كورسي عبر جبل نفوسة

عبر الجبل
رحلة ماريو كورسي عبر جبل نفوسة
Mario Corsi: A Traverso Il Gebel


ترجمة : عبد الوهاب الداب وموحمد ؤمادي


لا يطمح هذا الكتيب إلى أخد مكانة بين الكتب الكثيرة التي أفرزتها حربنا الجليلة
والتي يستحق بعضها التقدير. ولا أتحدث في صفحاته عن الفترة التاريخية المجيدة
للغزو وإن كنت عاينتها منذ بدايتها ولكن عن سفر عبر جبل طرابلس بعد معاهدة
أوشي )أوشي لوزان( للسلام حين كان صدى الطلقات النارية لآخر الثوار العرب ينتهي في
الأودية الموحشة على مقربة من الحدود التونسية.
أرسلتني جريدة لاتربونا Tribuna مرة ثانية إلى أفريقيا في أواخر شهر مارس من هذه
السنة حينما كان اللواء لكيو Lequio قد بدأ عملية اجتياح الجبل السريعة والشهيرة
بعد أشهر عدة من الحرب وحرب العصابات والتي كان الهدف منها إعادة السلم إلى
طرابلس وفتح أبواب الداخل في وجه ايطاليا. حينها استطعت أنا وزمرة من الأصدقاء
اقتفاء الآثار الحديثة لجنودنا الأشداء وعبور الأراضي المرتفعة لطرابلس من جانب إلى آخر
وقد أرسلت بعض المقالات لجريدتي حول هذا السفر.
اليوم بجمعي لتلك الانطباعات الصحافية المشتتة ونشرها بعد إثرائها وإضافة
فصول جديدة إليها أود أن أساهم ولو بشكل متواضع في التعريف بمنطقة جد هامة في
مستعمرتنا الجديدة، وهي منطقة ظلت حتى أشهر قليلة غير معروفة لدى الايطاليين
ولم يسبق لأي من أبناء ايطاليا أن قطعها برمتها بسبب اعتراض الأتراك على ذلك
بشدة وتعنت.
الجبل هو ذلك الجدار الكبير الذي يرتفع على بعد حوالي مائة كيلومتر من الساحل
بين الخمس وساحل زوارة. ورغم أنه يتم تعريفه عموما على أنه سلسلة جبلية فإنه في
الحقيقة ليس سوى ذلك الإطار الوعر للمرتفع الذي يشكل الساحل الصخري القديم. مع
ذلك فهو يبدو على مظهر سلسلة جبلية وهو ما يفسر بسهولة كيف أن المسافرين
الذين مروا بسرعة من طرابلس متجهين إلى مناطق جد بعيدة، وأمام ضرورة تجاوز الجدران
الشاقولية التي تشكل حافة لمدرجات المرتفع الداخلي الشاسع والمتسق، وقعوا في
نفس الخطأ الذي أدى ولأمد طويل في السودان إلى وضع تخطيط لجبال كونغ Kong التي
لا وجود لها على الإطلاق.
فضلا عن ذلك فالجبل لازال منطقة تستوجب الدراسة وتكاد لا تجد له دراسات على
المستوى الجيولوجي مادام أنه لا يمكننا اعتبارها نهائية وكاملة تلك الدراسات السطحية
والمستعجلة التي قام بها ماتيوزيو Malthuisieulx أو تلك التقريبية الخاصة بالسواحل
لفناسا Vinassa وفي الأخير تلك التي لم تظهر بعد لبعثة سان فليبو سفورسا San
filippo-sforza التي سرعان ما توقفت في رحلتها الاستكشافية للداخل.
قليل إذن هو ما كتب ونشر عن الجبل غير أن هذا الكتاب، كما قلت، لا يتوخى سد هذا
الفراغ وإنما يريد أن يكون دليلا انطباعيا حول تلك المناطق المرتفعة ولا شيء أكثر من ذلك.
ماريو كورسي
أكتوبر 1913

No comments:

Post a Comment